يوشيدا
عدد المساهمات : 23 نقاط : 69 تاريخ التسجيل : 25/11/2009 المزاج : رايقه
| موضوع: الياباني إيزوتسو والرؤية القرآنية للعالم الخميس نوفمبر 26, 2009 6:55 pm | |
| الياباني إيزوتسو والرؤية القرآنية للعالم مسعود ضاهر بعد تأخير طويل وغير مبرر لترجمة الأعمال النقدية والإبداعية من مصادرها الآسيوية، وبشكل خاص عن المصادر اليابانية والصينية، بدأت مؤخرا محاولات خجولة لسد هذه الثغرة المستمرة حتى الآن، علماً أن الترجمات عن المصادر الآسيوية ما زالت تتم عن ترجمات من الإنكليزية أو الفرنسية وليس عن مصادرها الأصلية. لكن كتاب توشيهيكو إيزوتسو: "الله والإنسان في القرآن، علم دلالة الرؤية القرآنية للعالم"، يقدم نموذجاً فاضحاً على إهمال العرب والمسلمين للدراسات الآسيوية. فقد وضع الكتاب أساساً باللغة الإنكليزية وليس اليابانية عام 1964، وصدرت طبعته الثانية أيضاً بالإنكليزية عام 2002، حتى تنبه له العرب فصدرت ترجمته مؤخراً ضمن منشورات المنظمة العربية للترجمة. ويشكل الكتاب مرجعاً مهماً ومعلماً بارزاً يلقي الضوء على خصائص الدراسات اليابانية عن الإسلام. تجدر الإشارة إلى أن إشارة المترجم الواردة في الصفحة العاشرة من مقدمته لم تكن دقيقة لجهة تصنيف هذا الكتاب ضمن "الجهد الإستشراقي" الصادر عن باحث ياباني إمتاز بموقفه من الإسلام بالموضوعية. فالدراسات اليابانية عن الإسلام والعالم العربي أرادها واضعوها ردا موضوعيا على "الدراسات الإستشراقية" الغربية، بجناحيها الأوروبي والأميركي. ويرفض المستعربون اليابانيون بشدة تصنيفهم كمستشرقين،ويفضلون مصطلح الدراسات العربية في اليابانية بعد أن حمل مصطلح "الإستشراق" وزر المواقف السلبية التي عرّضت أصحابها للنقد الصارم حتى من جانب الباحثين المنصفين أو الموضوعيين في الغرب نفسه. تأتي أهمية هذا الكتاب من شخصية مؤلفه الذي يعد واحداً من أبرز الباحثين اليابانيين في الدراسات الإسلامية .فقد ولد إيزوتسو في عام 1914، وعاش عمراً مديداً حتى العام 1993. وعايش التبدلات الكبرى التي شهدتها اليابان بعد إصلاحات الإمبراطور المتنور مايجي الذي، في أواخر عهده، تحولت اليابان إلى دولة إمبريالية تخيف الغرب بعد ان كانت تخاف منه. وفي عهد خلفائه، لجأت الإدارة اليابانية إلى بعض المثقفين الذين كانوا على معرفة شمولية بتاريخ الشعوب الإسلامية من أجل إقناع المسلمين بأهمية دور اليابان الفتية في إستنهاض آسيا، والوقوف بوجه السيطرة الإستعمارية الغربية. وشجعت، بكل الوسائل المتاحة لديها، مقولة "آسيا للآسيويين"، التي إستقطبت عددا من مثقفي الجماعات الإسلامية في آسيا للترويج لتلك المقولة .وقد حللت في كتابي "اليابان بعيون عربية 1904 ـ 2004" الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت عام 2005، بالتفصيل مقولة الإمام المعصومي الضبابية التي قال فيها بأن الإمبراطور مايجي قرر إعتناق الإسلام ،وما زعمه الجرجاوي من أن آلاف اليابانيين إعتنقوا الإسلام خلال إقامته في طوكيو التي لم تتعد الشهر الواحد. وبعد أن إحتلت اليابان مساحات كبيرة من أراضي الدول الاسيوية المجاورة لها إبان فترة ما بين الحربين العالميتين، وجدت نفسها أمام مجموعات سكانية كبيرة من المسلمين. ومن خلال الممارسة القمعية للقوى الإمبراطورية اليابانية تيقن المسلمون وغيرهم من شعوب جنوب وشرق آسيا عدم وجود أي فارق يذكر بين الإحتلال الغربي والإحتلال الياباني لأراضيهم. مع ذلك، إستفاد الباحثون اليابانيون المتخصصون في مجال الدراسات الإسلامية من الدعم المادي الذي قدمته لهم الإدارة الإمبراطورية لتقديم دراسات رصينة لتاريخ الشعوب الإسلامية وثقافاتها. لكن ثمرة أبحاثهم وظفت لخدمة أهداف إمبريالية تبنتها العسكرتاريا اليابانية إلى أن إنتهت بهزيمة اليابان وسقوطها تحت الإحتلال الأميركي، فشهدت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ولادة أبرز رواد الدراسات العربية والإسلامية في اليابان على أسس موضوعية تتناقض جذريا مع الأهداف التي رسمتها لها الإدارة الإمبراطورية. يعتبر توشيهيكو إيزوتسو من أبرز هؤلاء الرواد الذين تميزت اعمالهم بكثير من الدقة والموضوعية. فقد درس في جامعتي كيو، وطوكيو، ومارس التدريس في جامعات يابانية وكندية وإيرانية، وكتب دراساته باليابانية والإنكليزية، وكان على معرفة بالعربية، والفرنسية والألمانية. ومن المؤكد أنه من أوائل من ترجم القرآن الكريم إلى اللغة اليابانية، إلا أن ترجمته قد لا تكون بنيت مباشرة على أساس النص العربي للقرآن الكريم بل من خلال ترجمات إلى اللغات الأوروبية. نشر إيزوتسو باللغة الإنكليزية دراسات عدة أبرزها "بنية المصطلحات الأخلاقية في القرآن"، و"مفهوم الإيمان في الدين الإسلامي"، و"المفاهيم الأخلاقية الدينية في القرآن"، و"دراسة مقارنة للمفاهيم الفلسفية المفتاحية في الصوفية والطاوية". هذا بالإضافة إلى دراساته العلمية الكثيرة المنشورة باللغة اليابانية. دلالة ذلك أن إيزوتسو كان متعمقا بالدراسات الإسلامية في مختلف جوانبها. وحتى الآن، لديه تقدير خاص لدى الباحثين اليابانيين الذين يعتبرون أن دراساته عن الإسلام شكلت ركيزة صلبة لولادة تيار عريض من الباحثين المهتمين بالدراسات العربية والإسلامية في اليابان في النصف الثاني من القرن العشرين. وقد تتلمذ عليه جيل كامل من الذين تخصصوا في حقول معينة في تراث وآداب وتاريخ الشعوب العربية والإسلامية. أصدر إيزوتسو كتابه "الله والإنسان في القرآن"، للمرة الأولى بالإنكليزية عام 1964 عن معهد جامعة كيو للدراسات الثقافية واللغوية بطوكيو. وبعد تسع سنوات على وفاته عام 1993، صدرت طبعته الثانية بالإنكليزية أيضاً في ماليزيا عام 2002، وهي الطبعة التي إعتمدها مترجم الكتاب إلى العربية، وأضاف إليها مراجعة مهمة للباحث الإسلامي فضل الرحمن، كانت قد نشرت في مجلة "دراسات إسلامية" التي تصدر في "إسلام أباد"، في عدد حزيران للعام 1966. كان فضل الرحمن قد عرف المؤلف إيزوتسو شخصياً أثناء إقامة مشتركة معه في جامعة مكجيل بمونتريال في كندا عام 1960 ـ 1961. ومما جاء في دراسته: "إن هذا الكتاب لا يمثل إضافة سارة إلى الأدبيات الموجودة عن الإسلام فقط، بل يقدم مقاربة جديدة لفهم الإسلام، خاصة من قبل غير المسلمين، وهي المقاربة العلم ـ لغوية". تضمن الكتاب تسعة فصول حملت الموضوعات التالية: علم الدلالة في القرآن، المصطلحات المفتاحية القرآنية في التاريخ، البنية الأساسية للرؤية القرآنية للعالم، مفهوم "الله" لدى الوثنيين واليهود والمسيحيين والحنفاء، العلاقة الوجودية بين الله والإنسان، العلاقة التواصلية بين الله والإنسان، "الجاهلية" والإسلام، العلاقة الأخلاقية بين الله والإسلام. وقد تضمنت مكتبة البحث مصادر عربية من الدرجة الأولى مما يدل على سعة إطلاع المؤلف بالدراسات العربية والإسلامية في تلك الفترة، بالإضافة إلى مصادر ومراجع باللغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية واليابانية التي لم تتم الإشارة إليها لصعوبة كتابتها في الطبعة الإنكليزية التي نقلت عنها الترجمة العربية. ليس من شك في أن معالجة الموضوعات المشار إليها أعلاه تتطلب معرفة معمقة بالتراث العربي والإسلامي. كما تفترض الدقة والرصانة في معالجة موضوعات دينية ذات طابع خلافي بين علماء المسلمين من جهة، وبين الباحثين في التاريخ الديني من أديان مختلفة. لكن معرفة إيزوتسو بالثقافات الآسيوية سهلت عليه سبل إكتساب معرفة عميقة بالثقافة العربية الإسلامية. وكانت لديه خبرة واسعة بعلم الدلالة الأوروبي الذي شكل ركيزة صلبة لتحليل السمات الأساسية للمفاهيم اللغوية ودلالاتها الإجتماعية والثقافية والروحية والصوفية. وكان من رواد التحليل السميولوجي في اليابان الذي يحضر لولادة إنسان متجدد بإستمرار في رؤيته لذاته، ولمحيطه العام، وللكون اللامتناهي. فهناك مستويات عدة للنص اللغوي إستند إليها إيزوتسو لتقديم دراسة متطورة عن الرؤية القرآنية منذ أكثر من أربعين سنة. لقد أنهى فضل الرحمن مقالته عن هذا الكتاب بقوله: "ختاماً، يرغب المرء بالتأكيد على حقيقة أن هذا الكتاب كتبه باحث آسيوي جاد غير مسلم وياباني. وبما أن الأمر كذلك، فإننا نرحب بعمل إيزوتسو ونأمل أنه سيكون رائدا لتقليد متطور للبحوث الإسلامية في الشرق الأقصى". يحتمل هذا النص وجود نوع من التحفظ على ترجمة ما كان يكتبه الآسيويون بشكل عام، وغير المسلمين منهم بشكل خاص، في مجال الدراسات الإسلامية. وهذا ما يفسر، جزئياً، تقاعس المترجمين ودور النشر ومنظمات الترجمة العربية طوال أربعين عاماً عن ترجمة هذا الكتاب المهم والصادر باللغة الإنكليزية. ولهذا التقاعس دلالة إضافية لأن التجاهل لما كتبه الباحثون الآسيويون، من صينيين ويابانيين وكوريين وهنود وغيرهم عن العالمين العربي والإسلامي، لم يتم التعامل معه بالمثل. فقد نشط الباحثون الآسيويون إلى ترجمة الكثير من المصادر والأعمال الإبداعية العربية. ختاما، ترك تجاهل المترجمين العرب للأعمال المهمة التي كتبها باحثون آسيويون عن التراث العربي والإسلامي أثراً سلبياً للغاية على تطور العلاقات الثقافية بين الجانبين. ولعل صدور ترجمة هذا الكتاب عن المنظمة العربية للترجمة، وهي أهم مؤسسة ثقافية عربية تعنى اليوم بالترجمات العلمية الرصينة إلى اللغة العربية، يشكل مدخلاً سليماً لتصويب تلك العلاقات، وذلك يتطلب تحضير برنامج طويل الأمد لترجمة أهم المصادر الآسيوية عن العرب والإسلام ووضعها بتصرف الباحثين العرب والمسلمين.
نقلا عن صحيفة المستقبل اللبنانية
| |
|
A7laa-Dl3 المدير
عدد المساهمات : 492 نقاط : 745 تاريخ التسجيل : 02/08/2009 العمر : 31 الموقع : انتو غيــــــر الناس عندي.. المزاج : دلع
| موضوع: رد: الياباني إيزوتسو والرؤية القرآنية للعالم السبت نوفمبر 28, 2009 3:42 pm | |
| مشكوره على الموضوع.. وسلمت اناميللك على هدا الطرح.. وكلي مني جزيل الشكــــــــــــــــــر.. محبتكــ | |
|